السعادة (رفاهية) ..ام مسئولية مجتمعية ؟!

السعادة (رفاهية) ..ام مسئولية مجتمعية ؟!

ان تعيش سعيدا ..هو هدف انسانى تسعى اليه البشرية منذ القدم ..واختلفت تعريفات السعادة من عصر لاخر ومن دولة لاخرى بل ان الشخص نفسه على مدى عقود حياته تختلف رؤيته عن هذا الموضوع الذى يكون فى كثير من الاحيان محيرا لاصحاب الالباب .

وبغض النظر عن الاختلاف فى تعريف السعادة الا انها فى المجمل هدف وضعته البشرية نصب اعينها منذ القدم وكل شخص دائما ما ينظر الى حياته من مواقع مختلفة ولا سيما تاتى السعادة فى مقدمة تلك المواقع ..

والذى يهمنى فى هذا الامر هو ليس رؤية المواطن لهذا الموضوع فالطبيعى انشغال اى شخص بكيف يكون اكثر سعادة بل الذى يهمنى اكثر فى هذا الصدد هو رؤية المجتمع الذى يعيش فيه سواء مجتمعه الضيق من اسرة يعيش بها مرورا بادارة عمل يتواجد بها يوميا ..وصولا الى مجتمعه الاكبر وهى الدولة نفسها واهتمامها بسعادة مواطنيها .

ولنبدا بالمجتمع الصغير ..فارى ان توفير حد مقبول من السعادة للاسرة هو جزء من المسئولية المجتمعية لكل فرد يتعايش فى تلك الاسرة ..نفس الامر ارى ان توفير حد مقبول للسعادة داخل ادارات العمل هو جزء اصيل من المسئولية المجتمعية لاى شركة او مؤسسة ناجحة .

وتعتبر شركة اورنج مصر هى اول شركة تعلن اعتزامها تدشين ادارة لقياس مؤشر السعادة للموظفين لديها..وهو ما صرح به سابقا شريف حنا رئيس قطاع الموارد البشرية بالشركة ..

وارى ان اورنج بهذا التصريح تفتح الباب لملف يجب جميع الشركات الكبرى تعمل عليه ..فالسعادة يا سادة ليست رفاهية.. كما يعتقد البعض بل هى من صلب بل صميم معطيات حياتك العملية لكى تحقق النجاح المطلوب .

والتجارب العالمية تؤكد لنا يوما بعد الاخر ان الشركات والمؤسسات والدول التى تضع نصب اعينها سعادة العاملين بها هى الشركات الاكثر نجاحا وتتقدم يوما بعض الاخر ..بينما الشركات التى لا تضع نصب اعينها سوى انتاج الفرد دون النظر عن مدى رضاه من عدمه تتراجع يوما بعض الاخر .

والامر ليس فى المحيط الضيق فقط بل الدول نفسها تدرك يوما بعض الاخر ضمن مسئوليتها المجتمعيها قيمة الحفاظ على مستوى الرضا والسعادة لدى شعوبها ..ولعل تجربة الامارات العام الماضى كانت خير دليل ..فمجرد اعلانها بتدشين وزارة رسمية للسعادة كان فى حد ذاته خبر اثلج قلوب جميع من تابع تفاصيله .

ودشنت الأمم المتحدة 17 هدفاً للتنمية المستدامة، يراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت بين البشر وهذه تمثل روافد رئيسية تصل بنا الى السعادة البشرية .. وكانت الجمعية العامة قد حددت فى قرارها 66/281 فى يوليو 2012، 20 مارس بوصفه اليوم الدولى للسعادة، اعترافاً منها بأهمية السعادة والرفاهية بوصفهما قيمتين عالميتين، ما يتطلع إليه البشر فى كل أنحاء العالم، ولما لهما من أهمية فيما يتصل بمقاصد السياسة العامة.

ويشير تقرير الأمم المتحدة حول مؤشر السعادة لعام 2016، التقرير الذى أعدته “شبكة حلول التنمية المستدامة”، التابعة للأمم المتحدة التى تأسست سنة 2012 وتضم فى صفوفها مراكز البحث والجامعات والمعاهد التقنية من أجل المساعدة فى إيجاد حلول لبعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأكثر إلحاحا فى العالم، إلى أنه جاء حصيلة لتحليل الأوضاع السائدة فى 157 دولة، واستند الترتيب إلى 38 مؤشرا مختلفا، من بينها نظام الحكم السياسى ومستوى الفساد فى المجتمع والتعليم والصحة والأجور، وقدرة الأفراد على تقرير مستقبلهم.

وعلى المستوى العربى – طبقا للتقرير – فاحتلت الإمارات المركز الأول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحتلت المرتبة 28 عالميا كأسعد الشعوب فى مؤشر السعادة العالمى متفوقة على فرنسا التى جاءت فى المركز 32عالمياً، وتايلاند فى المركز 33، وإسبانيا فى المركز 37، واليابان فى المركز 53 عالمياً.

وجاءت السعودية فى المركز الثانى عربياً و32 عالمياً، وقطر فى المركز 3 عربياً و36 عالمياً، والجزائر فى المركز 4 عربياً و38 عالمياً، والكويت فى المركز 5 عربياً و41 عالمياً، البحرين فى المركز 6 عربياً و42 عالمياً، ليبيا فى المركز 7 عربياً و67 عالمياً، الصومال فى المركز 8 عربياً و76 عالمياً، الأردن فى المركز 9 عربياً و80 عالمياً، المغرب فى المركز 10 عربياً و90 عالمياً، لبنان فى المركز 11 عربياً و93 عالمياً، تونس فى المركز 12 عربياً و98 عالمياً، فلسطين فى المركز 13 عربياً و108 عالمياً، والعراق فى المركز 14 عربياً و112عالمياً .

وجاءت مصر فى المركز 15 عربياً و120 عالمياً من بين 157 دولة لتتقدم بنحو 15 مركزا مقارنة بتقرير عام 2015، حيث حصلت على المركز 135 من بين 158 دولة.

وفى النهاية اكرر للمرة الثانية ..السعادة ليست رفاهية ..وتوفير الجو من السعادة لمن نعيش ونتعايش بينهم ووسطهم هو جزء من المسئولية المجتمعية وعلى الجميع ان يفكر بشكل ايجابى فى تحقيق هذا الهدف

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة