أدوات التمويل المستدام….الفرص والتحديات…توقعات بوصول إصدارات السندات الخضراء لتريليون دولار بنهاية 2022

أدوات التمويل المستدام….الفرص والتحديات…توقعات بوصول إصدارات السندات الخضراء لتريليون دولار بنهاية 2022
  • الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين يشكلون 73.5 ٪ من إجمالي إصدارات السندات الخضراء
  • مصر تطأ بقوة سوق السندات الخضراء السيادية الحكومية بطروحات إجماليها 750 مليون دولار

النظام المالي المستدام هو ذلك النظام الذي ينشيء الأصول المالية ويقيمها ويتعامل معها بطرق تشكل الثروة الحقيقية لخدمة الاحتياجات والضروريات طويلة الأمد لبناء اقتصاد شامل ومستدام بيئيا ، ومن ثم فإن التمويل الأخضر عبارة عن أدوات مالية تستخدم عائداتها لمشروعات ومبادرات التنمية المستدامة والمنتجات والسياسات البيئية التي تهدف إلى تتعزيز التحول للاقتصاد الأخضر وخلق مسارات منخفضة انبعاثات الكربون ومستدامة وشاملة.

وبحسب منصة “جرين فاينانس” فأن الهدفين الرئيسيين للتمويل الأخضر هما استيعاب العوامل البيئية الخارجية وتقليل المخاطر ، حيث يضمن التمويل الأخضر إعطاء الأولوية للاستثمارات الخضراء على الاستثمارات التقليدية التي تديم أنماط النمو غير المستدام ، ويشجع التمويل الأخضر على الشفافية والتفكير طويل الأمد في الاستثمارات المتدفقة إلى الأهداف البيئية ويشمل جميع معايير التنمية المستدامة التي حددتها أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs).

ويغطي التمويل الأخضر مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المالية ، ويمكن تقسيمها إلى منتجات استثمارية ومصرفية وتأمينية ، الأدوات المالية السائدة في التمويل الأخض الإقرلض والأسهم ، كما تم إنشاء أدوات مالية جديدة ، مثل السندات الخضراء وأدوات سوق الكربون ، إلى جانب المؤسسات المالية الجديدة ، مثل البنوك الخضراء والصناديق الخضراء ، ولا تزال استثمارات الطاقة المتجددة وتمويل البنية التحتية المستدامة والسندات الخضراء من المجالات الأكثر أهمية في أنشطة التمويل الأخضر.

ويتمثل التمويل الأخضر في تمويل الاستثمارات في جميع القطاعات المالية وفئات الأصول التي تدمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الرشيدة المعروفة اختصارا تحت عنوان “ESG” في قرارات الاستثمار وتدمج الاستدامة في إدارة المخاطر لتشجيع تطوير اقتصاد أكثر استدامة ، وتعتبر تلك المعايير حاسمة في تقييم المخاطر التي تتعرض لها أصول والتزامات مؤسسات التأمين والبنوك.

التحديات والفرص

تقدر الفجوة التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بنحو 5ر2 تريليون دولار وتتسع تلك الفجوة سنويا لاسيما في البلدان النامية ، حيث يتطلب الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون استثمارات ضخمة لا يمكن تمويلها إلا من خلال قدر عال من مشاركة القطاع الخاص ،

وأشارت منصة “جرين فاينانس” إلى أن تعبئة رأس المال للاستثمارات الخضراء لاتزال محدودة بسبب العديد من تحديات الاقتصاد الجزئي ؛ على سبيل المثال ، هناك عدم تطابق في النضج بين الاستثمارات الخضراء طويلة الأجل والآفاق الزمنية قصيرة الأجل للمستثمرين. علاوة على ذلك ، لم يتم تنسيق نهج السياسات المالية والبيئية في كثير من الأحيان. لتوسيع نطاق تمويل القطاع الخاص وحشده.

وأوضح أنه يمكن للحكومات أن تتعاون مع مجموعات من الجهات الفاعلة لزيادة تدفقات رأس المال وتطوير مناهج مالية مبتكرة عبر فئات الأصول المختلفة ، ولا سيما من خلال مبادرات بناء القدرات ، والأهم من ذلك ، هناك حاجة إلى تعريف منسق لكلمة “خضراء” وتصنيف للأنشطة الخضراء لمساعدة المستثمرين والمؤسسات المالية على تخصيص رأس المال بكفاءة واتخاذ قرارات مستنيرة.

يجب أن يكون هناك تعريف دقيق لأدوات التمويل الأخضر وأكثر شفافية وذلك لمنع التلاعب أو مايسمى “غسل الأخضر على غرار غسل الأموال” ، بالإضافة إلى توفير مجموعة مشتركة من المعايير بشأن التمويل الأخضر لإعادة توجيه تدفقات رأس المال نحو الاستثمارات الخضراء والمستدامة وكذلك لتحليل السوق والمخاطر والمعايير.

ودشنت شراكة بيين (GGKP) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) لتصميم نظام مالي مستدام ، ونوهت أن هناك ما يقدر بنحو 6.2 تريليون يورو من الاستثمارات المطلوبة في قطاع التمويل الأخضر للبلدان النامية بحلول عام 2030 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمقدار درجتين مئويتين .

سوق التمويل الأخضر (الأدوات والإصدارات)

وفقا لإصدار 2019″Global Landscape of Climate Finance” التابع لمبادرة سياسة المناخ العالمية ،وصلت تدفقات تمويل المناخ إلى مستوى قياسي بلغ 612 مليار دولار أمريكي في عام 2017 ، مدعوما بزيادة قدرات الطاقة المتجددة في الصين والولايات المتحدة والهند ، فضلا عن زيادة الوعي بشأن استخدامات الأراضي وكفاءة الطاقة ، حيث نتج عن ذلك انخفاض بنسبة 11 ٪ في عام 2018 بما يوازي 546 مليار دولار.

وتتمتع بنوك التنمية متعددة الأطراف بخبرة مؤسسية عميقة في توفير وتحفيز الاستثمارات في التنمية المستدامة وتتخذ خطوات لمواءمة أنشطتها مع رؤية عام 2030 ، بما في ذلك طرق توسيع نطاق التمويل المناخي وتصميم أدوات مالية جديدة ذات صلة بأهداف التنمية المستدامة وتعزيز المنافع العامة العالمية في مجالات مثل مكافحة تغير المناخ.

ولقد ارتفع التمويل المناخي من قبل أكبر بنوك التنمية متعددة الأطراف في العالم في البلدان النامية والاقتصادات الناشئة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بلغ 43.1 مليار دولار في عام 2018 ، مما عزز المشاريع التي تساعد البلدان النامية على خفض الانبعاثات ومعالجة مخاطر المناخ. ويمثل هذا زيادة بأكثر من 22٪ عن العام السابق.

وكشف أحدث تحليل صادر عن مبادرة سندات المناخ حول إجمالي ما تم إصداره من السندات الخضراء السنوية والقروض ، فقد سجل رقما قياسيا عالميا بنهاية 31 ديسمبر 2019 بلغ 254.9 مليار دولار أمريكي بزيادة نسبتها 49 في المائة عن الرقم النهائي لعام 2018 البالغ 171.1 مليار دولار أمريكي ومتجاوزا التوقعات البالغة 230-250 مليار دولار أمريكي ، وتضمن هذا الإجمالي 6.8 مليار دولار (مايعادل  2.6٪) قروض خضراء.

وتوقعت المبادرة أن يصل إجمالي إصدار سندات / قروض خضراء سنوية عالمية ماقيمته 350 و 400 مليار دولار أمريكي بنهاية العالم المنصرم 2020

وقال شون كيدني ، الرئيس التنفيذي لمبادرة سندات المناخ ، إن نتائج عام 2019 وتقديرات العام الماضي 2020 تجعلنا متفائلين حيال نتائج الإصدارات التي قد تصل إلى تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2021 ـ 2022.

وأكد أن العالم بحاجة ماسة إلى العديد من الإصدارات الخضراء السيادية من قبل الحكومات فضلا عن الإجراءات الحاسمة من البنوك المركزية والمنظمبن والمستثمرين لإعادة تنظيم استراتيجيات الاستثمار على نحو يضمن صفر انبعاثات كربون، وهم مايجعل البنوك وشركات التأمين تعمل على تخضير محافظها المالية وينبغي على الشركات العالمية الالتزام بأهداف اتفاق باريس للمناخ.

وأظهرت بيانات سندات المناخ أن أكبر سوق دولي للسندات الخضراء كان الاتحاد الأوروبي بإصدار سنوي قدره 106.7 مليار دولار أمريكي ، تلاه في التصنيف الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 50.6 مليار دولار أمريكي ، ثم الصين بـ30.1 مليار دولار أمريكي ، وفرنسا بقيمة 29.5 مليار دولار أمريكي ، وشغلت ألمانيا وهولندا والسويد واليابان وإيطاليا وكندا وإسبانيا المراكزالمتبقية ، وأصدرت الشركات العابرة للقارات 14.5 مليار دولار ، وبشكل جماعي ، يمثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين 73.5 ٪ من الإجمالي العالمي في السنة المالية 2019.

وجاء أكبر 5 مصدرين للسندات الخضراء لعام 2019 “فاني ماي بقيمة 22.8 مليار دولار” و كي إي دبيليو بقيمة 9.02 مليار دولار ، ووزارة الخزانة الحكومية الهولندية بقيمة 6.66 مليار دولار وريبابلك أوف فرنسا بقيمة 6.57 مليار دولار والبنك الصناعي والتجاري الصيني بقمية 5.85 مليار دولار.

وسيطرت سندات الطاقة النظيفة على إجمالي الإصدارات بنسبة 31.5٪ ، تلاها المباني منخفضة الكربون بنسبة 29.3٪ ، والنقل المنخفض الكربون 20.2٪ ، والمياه 9.3٪ ، مع استخدام الأراضي والنفايات بنسبة 3.5٪ بالإضافة إلى الفئات الأخرى.

الطموح المصري من أجل التعافي الأخضر

أطلقت مصر، في حدث افتراضي خلال أكتوبر من العام المنصرم 2020 ، إصدارها الأول من السندات الخضراء في بورصة لندن للأوراق المالية ، حيث يعد هذا الطرح المصري للسندات الخضراء السيادية الحكومية الذي يبلغ قيمته 750 مليون دولار لأجل خمس سنوات، الأكبر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والأول من نوعه في بورصة لندن.

وأسهمت هذه الخطوة في تعزيز الطموحات المشتركة لمصر والمملكة المتحدة والعمل سويا من أجل التعافي الأخضر من فيروس كورونا المستجد «COVID-19»، ودعم أولويات المناخ في الفترة التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيرالمناخ «COP26»، وما بعده، على النحو الذي يُبرهن على التزام مصر بالتنمية المستدامة ودورها كقائد مبتكرفي المنطقة ، كما تسهم في تعميق الشراكة المستدامة بين المملكة المتحدة ومصرفي مواجهة تغيرات المناخ.

وقال كليفرلي ، وزيرالشرق الأوسط البريطاني ، إن إدراج أول سندات سيادية خضراء بالشرق الأوسط في بورصة لندن يمثل لحظة تاريخية بين المملكة المتحدة والشرق الأوسط.. من لندن إلى القاهرة، وعبر العالم، نحتاج إلى إجراءات طموحة وذات تفكير مستقبلي مثل هذا لحماية البيئة، وضمان التعافي الأخضر والمرن من فيروس كورونا المستجد.

من جانبه ، قال الدكتورمحمد معيط، وزير المالية إن حصيلة «السند الأخضر»سوف تستخدم في تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة، وتحقيق خطة مصرللتنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والسيطرة عليه والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، على ضوء «رؤية مصر ٢٠٣٠»، التي تعطى الأولوية لمشروعات الاستثمار الأخضر.

وأشار إلى أن هذا الإصدار شهد إقبالًا كبيرًا من المستثمرين حيث تجاوزت طلبات الشراء حجم الإصدار المعلن «٥٠٠ مليون دولار» بما يعادل ٧،٤ مرة، وتخطت الحجم المقبول «٧٥٠ مليون دولار» بما يعادل ٥ مرات ، لافتًا إلى أن هذا الإصدار جذب قاعدة جديدة من المستثمرين بأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وشرق أسيا والشرق الأوسط بنسب: ٤٧٪، ٤١٪، ٦٪، ٦٪، على التوالي.

وأوضح الوزير أن الاكتتاب القوى على طرح السندات الخضراء السيادية الحكومية، المعلن عنه من القاهرة الذي وصل لأكثر من ٣،٧ مليار دولار، ساعد وزارة المالية على خفض سعر الفائدة على السندات المطروحة بنحو ٥٠ نقطة أساس مقارنة بالأسعار الافتتاحية المعلن عنها عند بداية عملية الطرح؛ بما يعكس تزايد الطلبات على السندات الدولية الخضراء التي تطرحها مصر لأول مرة في تاريخها، وتزايد ثقة المستثمرين في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ومستقبل مصر والالتزام بسياسات التنمية المستدامة لمصر.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة