الاستدامة في الجامعات المصرية.. خطوة نحو المستقبل

الاستدامة في الجامعات المصرية.. خطوة نحو المستقبل

تغزو مفاهيم الاستدامة الجامعات المصرية وتندمج في برامجها الأكاديمية، حيث شهدت الجامعات المصرية خلال السنوات الأخيرة تحولات استراتيجية كبيرة نحو إدماج مفاهيم الاستدامة في كافة جوانب عملها، من التعليم والبحث العلمي إلى البنية التحتية والشراكات المجتمعية، تأتي هذه الجهود استجابة للتحديات البيئية العالمية، مثل تغير المناخ ونقص الموارد الطبيعية، فضلًا عن التزام الدولة المصرية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة بحلول عام 2030.

” الاستدامة في المناهج التعليمية”

حرصت العديد من الجامعات المصرية على تضمين مفاهيم الاستدامة ضمن خططها الدراسية، فقد أصبحت قضايا مثل تغير المناخ، وإدارة الموارد الطبيعية، والطاقة المتجددة، جزءًا من المواد التعليمية في مختلف الكليات والتخصصات.

جامعة القاهرة:

أطلقت جامعة القاهرة برامج متخصصة مثل برنامج الدراسات العليا في التغير المناخي والتنمية المستدامة، الذي يهدف إلى تأهيل الكوادر البشرية لفهم التحديات البيئية والمشاركة في إيجاد حلول عملية ،كما أدخلت الجامعة مقررات اختيارية في الكليات المختلفة تركز على الاقتصاد الأخضر، وإدارة الموارد، وتقليل البصمة الكربونية.

جامعة عين شمس:

بدأت الجامعة مبادرات لدمج موضوعات الطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري في كليات الهندسة والعلوم، كما أنشأت مراكز بحثية متخصصة تعمل على إعداد دراسات تهدف إلى دعم السياسات الحكومية في مجالات البيئة والتنمية المستدامة.

الجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC):

كانت الجامعة الأمريكية بالقاهرة من أولى الجامعات التي تبنت نهجًا شاملًا للاستدامة و أطلقت “مركز التنمية المستدامة”، الذي يقدم برامج دراسات عليا تركز على التحديات البيئية، مثل ندرة المياه والطاقة النظيفة، كما توفر الجامعة مقررات متعددة التخصصات تشمل العلوم البيئية، وإدارة الأعمال المستدامة، وتصميم المدن الخضراء.

“دور البحث العلمي في دعم الاستدامة”

تعد الجامعات المصرية مراكز أساسية للابتكار والبحث العلمي في مجالات الاستدامة، ومن أبرز الأبحاث التي يتم تنفيذها:

الطاقة المتجددة:
تقوم العديد من الجامعات، مثل جامعة الإسكندرية وجامعة بني سويف، بدراسة تقنيات متقدمة لتطوير ألواح شمسية أكثر كفاءة وأنظمة طاقة رياح منخفضة التكلفة.

إدارة المياه:
في ظل معاناة مصر من تحديات تتعلق بندرة المياه، تعمل الجامعات على تطوير تقنيات مبتكرة لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، على سبيل المثال، طورت جامعة الزقازيق تقنيات منخفضة التكلفة لمعالجة المياه باستخدام مواد صديقة للبيئة.

إعادة التدوير:
تسعى كليات الهندسة والعلوم لتطوير تقنيات حديثة لتحويل النفايات إلى منتجات قابلة للاستخدام، بما يدعم الاقتصاد الدائري ويقلل من تأثير النفايات على البيئة.

“بنية تحتية صديقة للبيئة”

و كانت قد قامت الجامعات المصرية بتحسين بنيتها التحتية لتكون أكثر توافقًا مع متطلبات الاستدامة، مثل الحرم الجامعي الأخضرفالعديد من الجامعات، مثل جامعة القاهرة وعين شمس، قامت بإنشاء حدائق ومساحات خضراء داخل الحرم الجامعي لتحسين جودة الهواء وتقليل التلوث و أيضاً هناك استخدام الطاقة الشمسية حيث ركبت بعض الجامعات أنظمة طاقة شمسية لتوفير الكهرباء للحرم الجامعي، وهو ما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية و بالنسبة إلى إدارة النفايات تعمل الجامعات على تقليل النفايات وإعادة تدويرها، مع تطبيق برامج فرز النفايات في أماكنها، وتشجيع الطلاب على المشاركة في هذه الجهود.

 

“الشراكات الدولية لتعزيز الاستدامة”

يعد التعاون الدولي ركيزة أساسية لتعزيز جهود الجامعات المصرية في مجال الاستدامة، حيث تم عمل شراكات مع الاتحاد الأوروبي لتمويل مشاريع بحثية خاصة بالطاقة المتجددة وإدارة الموارد الطبيعية، و أيضاً التعاون مع الأمم المتحدة لتطوير برامج تدريبية وتعليمية تتماشى مع أجندة التنمية المستدامة و تم عمل اتفاقيات مع الجامعات العالمية مثل جامعة ستانفورد وجامعة كامبريدج، التي تقدم منحًا ودعمًا تقنيًا للمشروعات المتعلقة بالاستدامة في مصر.

 

” تحديات تواجه دمج الاستدامة”

و تواجه الجامعات المصرية رغم الجهود المتزايدة بعض التحديات التي قد تعيق تحقيق أهدافها في مجال الاستدامة، ومنها: نقص التمويل حيث أن تنفيذ مشاريع الاستدامة يتطلب استثمارات كبيرة، وهو ما يمثل عائقًا لبعض الجامعات و هناك وعي مجتمعي محدود حيث يحتاج الطلاب وأعضاء هيئة التدريس إلى مزيد من الوعي حول أهمية الاستدامة ودمجها في حياتهم اليومية كما أن هناك بعض الجامعات التى تحتاج إلى تحديثات كبيرة لتكون متوافقة مع معايير الاستدامة.

تعكس الجهود التي تبذلها الجامعات المصرية في تبني مفاهيم الاستدامة التزامًا حقيقيًا بمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، من المتوقع أن تستمر الجامعات في توسيع نطاق مبادراتها لتشمل مزيدًا من الابتكارات، مما يساهم في بناء جيل قادر على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، فالتحول نحو الاستدامة ليس مجرد اتجاه عالمي، بل أصبح ضرورة محلية لضمان مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة