المونوريل في مصر.. خطوة نحو الاستدامة البيئية والتنمية الحضرية

المونوريل في مصر.. خطوة نحو الاستدامة البيئية والتنمية الحضرية

في عصر يشهد تزايدًا ملحوظًا في التحديات البيئية والتنموية، أصبح البحث عن وسائل نقل بديلة وآمنة وفعالة أمرًا بالغ الأهمية، ولعل أحد الحلول الحديثة التي بدأت تحظى باهتمام كبير على مستوى العالم هو المونوريل، وهو نظام النقل الكهربائي السريع الذي يعتمد على سكك حديدية أحادية، ويعد من بين أبرز التقنيات التي تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية، فضلاً عن تقديم حلول فعالة للتحديات التي تواجه المدن الكبرى من حيث الازدحام، التلوث، وضغط البنية التحتية التقليدية.

وفي مصر يعد المونوريل من أكبر المشاريع المتطورة في قطاع النقل، حيث يهدف إلى تحسين شبكة المواصلات في القاهرة وكذلك في مدينة 6 أكتوبر، وذلك من خلال توفير وسيلة نقل حديثة وسريعة تعتمد على التكنولوجيا الكهربائية، مما يسهم في تقليل الازدحام المروري، وتخفيف الضغط على البنية التحتية التقليدية، والحد من التلوث البيئي.

ويعد المونوريل جزءًا من خطط الدولة لتطوير وسائل النقل وتوسيع البنية التحتية الحضرية بما يتناسب مع النمو السكاني والاقتصادي الكبير الذي تشهده البلاد، لذا رصدنا لكم في السطور التالية تفاصيل المشروع منذ بدايته، مرورًا بأبرز مراحله، وصولًا إلى الافتتاح التجريبي والمراحل الحالية للمشروع.

فكرة المشروع وأهدافه

تمثل شبكة قطار المونوريل في مصر أحد الحلول المبتكرة التي تهدف إلى معالجة مشاكل النقل الحضري في مصر، حيث يعتمد المشروع على نظام قطار كهربائي أحادي السكة (مونوريل)، وهو من الأنظمة السريعة التي تتميز بقدرتها على توفير وسيلة نقل فعالة وآمنة مع تقليل الانبعاثات الكربونية مقارنة بوسائل النقل التقليدية.

ويهدف المونوريل إلى ربط القاهرة الكبرى بالمدن الجديدة شرقًا مثل القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، ويسهم في تسهيل التنقل بين الجيزة والعاصمة الإدارية من خلال تكامله مع الخط الثالث للمترو ومحطة الفنون والثقافة للقطار الكهربائي الخفيف.

خطوط المونوريل وطريقة عمل قطاراته

يُجري حاليًا التشغيل التجريبي لمشروع قطار المونوريل في مصر، والذي يمتد على خطين رئيسيين:

  1. مونوريل شرق النيل: يمتد من مدينة نصر وصولًا إلى العاصمة الإدارية الجديدة، بطول 56.5 كم، ويشمل 22 محطة، ليخدم مناطق مثل مدينة نصر، القاهرة الجديدة، والعاصمة الإدارية، ويتقاطع مع القطار الكهربائي الخفيف في محطة الفنون والثقافة، ومع مترو الأنفاق في محطة الاستاد بمدينة نصر.
  2. مونوريل غرب النيل (6 أكتوبر): يمتد من مدينة 6 أكتوبر إلى محطة وادي النيل بالجيزة، بطول 43.8 كم، ويشمل 13 محطة، ويتقاطع مع الخط الثالث للمترو في محطة وادي النيل، كما يخدم العديد من الطرق الرئيسية مثل محور 26 يوليو وطريق إسكندرية الصحراوي.

يسير قطار المونوريل بدون سائق، مما يتطلب تجهيزات متقدمة مثل كاميرات المراقبة وغرفة التحكم والسيطرة في العاصمة الإدارية الجديدة. كما تم تسليم جميع الوحدات المتحركة المقرر تشغيلها على خط مونوريل شرق النيل – العاصمة الإدارية.

ويتكون القطار من 4 عربات مزودة بكاميرات مراقبة داخلية وخارجية، حيث تحتوي كل عربة على 4 كاميرات، بالإضافة إلى كاميرات أمامية لرصد السكة.

ويشمل القطار أيضًا أنظمة اتصالات وأجهزة لرصد الأدخنة، بالإضافة إلى شاشات للإعلانات والترفيه، ويتسع لـ 560 راكبًا، وينقل 10 آلاف راكب في الاتجاه الواحد في البداية.

ويتميز قطار المونوريل بكراسي مخصصة لكبار السن وأماكن لذوي الهمم، وتبلغ سرعته 90 كم/ساعة، مع سرعة تشغيلية تصل إلى 80 كم/ساعة، ويُوجه الركاب من خلال الرسائل التذكيرية أو التوجيهات المباشرة، ويسير القطار على كامر خرسانى بارتفاع يتراوح بين 12 إلى 15 مترًا.

التشغيل التجريبي للمونوريل

في أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة النقل عن بدء التشغيل التجريبي لمونوريل شرق النيل بدون ركاب، حيث يتم التجربة من مركز السيطرة والتحكم في العاصمة الإدارية الجديدة حتى محطة المشير طنطاوي.

وأوضحت الوزارة أن المشروع تم تنفيذه على مسافة 56.5 كم ويشمل 22 محطة، ويشرف عليه تحالف شركات ألستوم، أوراسكوم، والمقاولون العرب.

كما أوضحت الوزارة أن الطول الإجمالي لمشروعي المونوريل (شرق/غرب النيل) يصل إلى 100 كم مع 35 محطة، لافتة إلى أن قطار المونوريل يتكون من 4 عربات، مع خطط لزيادة عدد العربات إلى 8 في المستقبل لتلبية احتياجات السكان في المناطق العمرانية الجديدة.

ولا يزال مشروع قطار المونوريل في مصر في مراحل التشغيل التجريبي، حيث يتم اختبار النظام بشكل مستمر للتأكد من كفاءته، ومن المتوقع أن يتم الافتتاح الرسمي للخطين في وقت لاحق من عام 2025، مع بدء تشغيل المونوريل بكامل طاقته بعد الانتهاء من كافة الاختبارات التشغيلية.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي لمشروع المونوريل

من المتوقع أن يكون للمونوريل تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري، شأنه كباقي المشروعات التنموية، حيث سيظهر الأثر من خلال:

  • توفير فرص عمل كبيرة خلال فترة تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى فرص عمل دائمة بعد التشغيل.
  • تحسين قدرة النقل العام وزيادة القدرة الاستيعابية للركاب، ما يؤدي إلى تقليل الازدحام وتحسين الكفاءة الاقتصادية.
  • تحسين مستوى جودة الحياة للمواطنين من خلال توفير وسائل نقل أكثر راحة وسرعة.

وفي النهاية، فإن مشروع المونوريل في مصر يُعد أحد المشاريع الرائدة التي تتماشى مع الاتجاهات العالمية في تطوير أنظمة النقل المستدامة، ومن خلال هذه الخطوة، تسعى مصر إلى تعزيز الاستدامة البيئية، تحسين شبكة النقل الحضرية، وتحقيق نقلة نوعية في تجربة التنقل للمواطنين.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة