“إدارة المخلفات … وقود للتنمية المستدامة”

“إدارة المخلفات … وقود للتنمية المستدامة”
27 / 06 / 2019
بقلم أ.د. أمانى عمر الحسينى ..أستاذ الإعلام ـ بكلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا -

لا يغيب عن أحد ان مصر قد عانت لعقود من مشكلة التخلص من القمامة فى المحافظات المختلفة، و التى تسببت فى تداعيات صحية و اقتصادية سلبية و رسمت شكل عام مسىء و غير حضارى لكثير من الشوارع المصرية. و طرق التخلص من القمامة التى يتم استخدامها فى الغالب ، سواء بالحرق، او المقالب العشوائية، او دفنها، كلها ملوثة للبيئة بالانبعاثات المؤذية، و ضارة بصحة الانسان. و اذا كانت التنمية المستدامة تبنى فى جوهرها على حماية البيئة و إستخدام الموارد بشكل أمثل، فقد اصبح التخلص من المخلفات و تدويرها بصورة آمنة للبيئة ضرورة ملحة و خاصا أن من بين اهداف الحكومة الأساسية فى الوقت الحالى هو رفع معدلات التنمية فى مصر.

و بالفعل بعد عدة سنوات من بداية الاهتمام و العمل فى هذا المجال سواء من الحكومة او بعض شركات القطاع الخاص اصبح تدوير المخلفات بانواعها صناعة كبيرة تدر دخلا كبيرا، و توفر فرص العمل لكثير من المصريين، و اصبحت صناعة جاذبة للاستثمارات، بجانب أنها اصبحت ايضا مصدرا للوقود البديل. فجاء الدور الريادى للحكومة المصرية لتطبيق التنمية المستدامة كنموذج للتفكير حول المستقبل الاجتماعى و التكنولوجى و الاقتصادى للبلاد و الذى يراعى الاعتبارات البيئية و الاقتصادية مع أعلى درجات الحفاظ على الموارد الطبيعية. و للأسف لا يعرف عن هذه الصناعة اغلبية المواطنين،أو لديهم صورة غير كاملة عن معنى التنمية المستدامة، أو الطاقة البديلة، او تدوير المخلفات، برغم اهميتها، و لذلك فإن الحديث عنها شىء هام و مفيد. فان اولى خطوات المشاركة المجتمعية فى المشروعات التى تقام على ارض مصر هى المعرفة و فتح الحوار للالمام بوجود مثل تلك الانجازات.

و حين نتحدث عن الطاقة نشعر بالتأكيد بالقلق لأن الكثير منا يعلم أن مصادر الطاقة الحالية هى مصادر تقليدية و غير مستدامة، بمعنى انها غير باقية للأبد ، و لذلك تعين البحث عن مصادر متجددة للطاقة حتى نضمن الاستدامة و نحافظ على البيئة و خصوصا فى ظل الاحتياج المستمر للطاقة. و احدى هذه المصادر البديلة هى إدارة المخلفات.

و فى هذا المقال أود أن أتحدث بالتحديد عن المخلفات الصلبة و التى يمكن تعريفها أنها تلك المواد الصلبة أو شبه الصلبة التى تتخلف عن الأنشطة الانسانية الحياتية اليومية. و تدوير المخلفات الصلبة هو فى الواقع منظومة كاملة، و تضم خطوات كثيرة من أجل تحقيقها و تترتب كل خطوة على ما قبلها. حيث تبدأ هذه العملية بجمع القمامة فى ساعات مبكرة من اليوم، ثم يتم وزن المخلفات، ثم فرزها بحيث يتم فصل المخلفات عالية القيمة و يتم توجيهها لمصانع اعادة التدوير، و يتم انتاج السماد العضوى من الخام العضوى. أما مرفوضات التدوير فيتم تجفيفها لعدة مرات حتى تتخلص من أى رطوبة بها ، و يتم فرمها و تصبح فى صورة قابلة للحرق و انتاج الطاقة.

و أود أن اقدم عدد من المقترحات التى نأمل أن تساهم فى تطوير هذا المجال الحيوى فى اول منصة للمسئولية المجتمعية و التنمية المستدامة فى مصر و الشرق الأوسط.

و يأتى المقترح الأول بضرورة تشجيع شركات القطاع الخاص فى عمليات ادارة المخلفات و التى لها دور أساسى، و اقصد هنا بالتحديد الشركات التى لديها مصانع حيث تقوم بتنفيذ المنظومة من اولها فى ظل تقديم الحكومة للمساعدات لها من البنية التحتية اللازمة، مع التزام تلك الشركات بتقديم نتائج إختبار التأثير على البيئة EIA (Environmental Impact Assessments).
بجانب ذلك يتعين العمل على إنتقال المعرفة و التكنولوجيا الخاصة بتكنولوجيات الوقود البديل من الول المتقدمة الى الدول النامية. ذلك بجانب الاهتمام بالتدريب و تأهيل الكوادر الفنية و المشاركين فى المنظومة لضمان نجاحها و تحقيق اهدافها المرجوة.

و يجب إجراء العمل فى ادارة المخلفات على اساس نتائج دراسات علمية و التنسيق بين جهود الجهات المختلفة فى هذا المجال سواء الوزارات، المحليات، المجتمع المدنى، ليكون العمل بينها متكاملا و ليس متداخلا. و فى هذا الاطار يجب اطلاق المبادرات مثل مبادرة: “صوتك مسموع”، و التى أطلقتها وزارة التنمية المحلية التى تشجع الأهالى على تسجيل الشكاوى على الصفحة الرسمية للمبادرة و على الخط الساخن من أجل إشراك المواطنين فى منظومة التعامل مع القمامة و تدويرها.

و أخيرا هناك ضرورة لطرح حوار مجتمعى لتحقيق عوامل انجاح منظومة ادارة المخلفات، هذا الحوار يبدأ بمد المواطن بمعلومات عما يحدث فى هذا المجال ، و ينتهى فى محاولة جذب المواطن للمشاركة المجتمعية سواء بالرأى او المساهمة فى المساعى المختلفة حول هذا المجال الحيوى و الهام من أجل التنمية المستدامة.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة