المسئولية المشتركة تجاه تنمية المجتمع

المسئولية المشتركة تجاه تنمية المجتمع
01 / 05 / 2015
بقلم نيازي سلام -

الحاجة أم الإختراع كما يقولون .. فماذا إن كانت الحاجة حاجات متعددة لآدمية الإنسان و إحتياجاته الإنسانية  و تنميته ليضيف لمجتمعه و لا يتحول لعبء ثقيل والحفاظ على بيئته آمنه صحية و أخيراً جودة حياة ليست من الرفاهيات بل من الأساسيات..

و من أجل الحاجات المتعدده و المتضخمة في المجتمع المصري تنامي أيضا دور المجتمع المدني و أهميته بداية من منتصف التسعينات بالرغم أن مصر عرفت العمل التطوعي و الجمعيات الخيرية منذ زمن طويل .. و بدأت في مصر مؤسسات أهلية بشكل متجدد لم تكن في السابق و التي تعتبر مؤسسات أهليه غير هادفة للربح لكنها تدار بطريقة الشركات الخاصة و العالمية بكل تفاصيلها .. و السبب في ذلك أن المشاكل التي أنشأت من أجلها هذه المؤسسات تضخمت عن حد التصدي لها بمجرد عمل خيري تطوعي مبسط سواء رأسياً في منطقة بعينها أو أفقياً بعمل بعض الأنشطة في مناطق و قرى متعددة .  فكانت بداية أسلوب إدارة متطور للمؤسسات الأهلية أشرف على إنشاءها رجال أعمال لهم خبرة طويلة ومتراكمة في إدارة شركات ناجحة في مصر و الوطن العربي .. و بالتالي أخذوا على عاتقهم أن تكون مؤسساتهم الخيرية تدار بنفس حرفية و أسلوب إدارة الشركات . و على سبيل المثال فإن بنك الطعام المصري منذ إنشاءه في 5 نوفمبر 2005 بدأ كمؤسسة تدار بشكل إحترافي متميز وبإدارات متخصصة و خطط سنوية و برامج مختلفة للتبرعات تضمن الإستمرارية و تقديم الخدمات بشكل منتظم .. وبناءً علي أبحاث و دراسات دقيقة وعلمية ليتم تقديم الخدمة بناء على إحتياج حقيقي و التنسيق للحد من العشوائبة و الإزدواجية في العمل الخيري ..

و كأي شركة محترفة قسمنا العميل المستهدف إلي فئات غير قادرة على الكسب و فئات قادرة على الكسب ولكن محدودة الدخل و أطفال وأرامل ومسنين والمرضي بأمراض مزمنة والمعاقين عن العمل لكي يتم التعامل ببرامج إطعام و تنمية و توعية مناسبة لكل فئة مستهدفة .. كذلك نسقنا توزيع الخدمات من خلال مؤسسات وجمعيات خيرية متواجدة في كل محافظات مصر يتم تقييمها و عقد بروتوكولات التعاون معها بشكل حرفي و شروط و طرق تعامل محددة .. أستطيع القول أن بنك الطعام المصري ساهم في تطوير و تنظيم العمل الخيري من خلال التنسيق مع آلاف الجمعيات و تدريبهم على البحث و طرق التبرع و تدوين قواعد بيانات الأسر و الأفراد المحتاجين ..

و على مدار 10 سنوات تعاملنا مع مئات الشركات في تنفيذ خططهم في المسئولية الإجتماعية إن كان لديهم إتجاه معين أو منطقة معينة محيطة بأنشطتهم و يريدون إكتشاف إحتياجاتها الإجتماعية و البيئية للعمل عليها . و قمنا أيضا بتوجيه الكثير من الشركات بإحتياجات قرى متعددة و نصحهم في الأولويات التي يجب البدأ بها في هذه القرى ليشعر الفرد و تشعر الأسرة بأثر العمل المجتمعي .. و قمنا أيضا بالتعامل مع الشركات في أنشطة إغاثية و قوافل للمناطق الأكثر فقراً و التي لا يوجد بها مؤسسات خيرية صغيرة و قمنا بتقديم الخدمات مباشرة بالتنسيق مع المجالس المحلية أو الجهات الحكومية أو المتطوعين..

و منذ بداية عمل البنك كانت العلاقات الحكومية أساس عملنا  من خلال العلاقة مع الوزارة المنوط بها متابعة و مراقبة المؤسسات الخيري وهي وزارة التضامن الإجتماعي ومن خلال التنسيق مع الجهات اﻷمنية لتوفير الحماية للقوافل الخيرية في كل الأوقات و كل ما يلزم ذلك من الشفافية و المتابعة لأنشطة البنك ..

كل هذا أدي إلي أنه خلال العشر سنوات الماضية إستطاعت فكرة بسيطة هدفها القضاء على الجوع في مصر أن تتحوّل إلى مشروع كبير يطعم ملايين المحتاجين، ويخلق فرص عمل، ويساعد في التقليل من هدر الطعام، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع صناعية وزراعية وخدمية ناجحة هدفها دعم الفكرة الأساسية الذي نشأ عليها.

اليوم استطاع هذا البنك أن يحقق أرقاما كبيرة جداً في مساعدة الفقراء والمحتاجين داخل مصر.

فقد ساعد على سبيل المثال العام الماضي أكثر من 3.5 مليون أسرة ضمن برنامج الإطعام الشهري والموسمي، كما ساهم في تأهيل حوالي 150 ألف معيل أسرة شهرياً، وتوفير17 مليون وجبة شهريا مغلفة وجاهزة ضمن برنامج عدم هدر الطعام الذي تطبقه الفنادق، فضلا عن برامج توفير وجبات مدرسية من خلال برنامج التغذية المدرسية وغيرها من البرامج التي يطبقها البنك من خلال عدة محاور..

واستطاع البنك اليوم أن ينقل خبراته إلي عدة دول مما أدي إلي أن يقوم بنك الطعام المصري بإنشاء مؤسسة أقليمية تضم بنوك 16 دولة أخرى..

كما أصبحنا اليوم بفضل من الله مجموعة بنوك الخير وهي بنك الطعام وبنك الشفاء وبنك الكساء وبنك المهارات ( التدريب والتأهيل من أجل التشغيل )

بهذه النبذة المختصرة عن 10 سنوات في العمل الأهلي و المدني و عشرات السنوات في إدارت الشركات و الكيانات الإقتصادية و التنسيق المستمر مع الدولة فيما له الصالح للعمل العام القانوني .. توصلنا لخبرات على الأرض و تم تنفيذها و تقييمها و إختبار تأثيرها على جودة حياة الفرد و الإنسان و أدى ذلك لرؤية واضحة لنا لما هي المسئولية المشتركة تجاه تنمية المجتمع و التي تعتبر المسئولية الإجتماعية للشركات جزء منها.. في بلد طبقاً للإحصاءات الرسمية في عام 2013 أن 4.4 % من التعداد تحت خط الفقر المدقع و عرفوا الفقر المدقع بنقص المكون الغذائي و 26 % تحت خط الفقر العام و بالتالي المعاناة من نقص المكون الغذائي في بعض الأحيان مقابل تغطية نقص في مكونات أخري ..

لقد أصبح تضافر جهود الدولة و المجتمع الأهلي و المدني و الشركات و الكيانات الإقتصادية أمراً حتمياً لا إختيار ، و أصبح التنسيق فيما بين كل هذه الجهود هو الحل الحقيقي الفعال لكثير من المشاكل المجتمعية ..

نحن لا ندعي أننا كمؤسسات أهلية أننا الحل الكامل لمشكلات المجتمع و لكننا جزء من الحل و إذا لم نكن جزء من الحل فنحن جزء من المشكلة .. و من تراكم الخبرات و المشروعات نرى أننا بالتعاون و التنسيق بين الدولة و المجتمع المدني و الشركات الخاصة سنصل إلي أفضل نموذج لخدمة المجتمع في إحتياجات أساسية و بشكل مستمر إلي أن تزول المشكلة أو يقف الفرد قادراً على مواجهتها و بالتالي وبشكل علمي و كلي يشعر المجتمع بالأثر في أجل قصير.

إن الفقراء و المهمشين في مصر يحتاجون إلي هذا التنسيق و الجهد و العمل المؤسسي و عدم الإزدواجية وتكرار الأدوار لكي يستفيدوا بخدمات و برامج تطور من جودة حياتهم..

إن هذا المؤتمر فرصة لبناء خريطة إستكشافية للتنمية و الإحتياجات الأساسية شأنها شأن الخريطة الإستثمارية لكي تقوم كل جهة بالعمل فيما يخص إختصاصها.. هذه الخريطة موجود الكثير من تفاصيلها لدي منظمات العمل الأهلي و المدني العاملة منذ سنوات على الأرض و في جميع المحافظات و يستفيد من خدماتها مصريين من جميع المحافظات و لديهم من قواعد البيانات ما نستطيع البدأ بالعمل به بشكل فوري .. و أيا كان الإطار المتفق عليه بالنسبة للشركات في المسئولية الإجتماعية سواء بأنظمة داخلية للعاملين و إحترام القوانين و البيئة الخارجية و تطوير المجتمع المحيط و الجزء الخيري و التطوعي فعلى الشركات الإستماع جيدا للمنظمات الأهلية و خبرتها الطويلة عبر سنوات لعمل خطط مستقبلية تعود بالنفع على الشركة و المجتمع المحيط ..  وفي النهاية ومن الأهمية بمكان فإنه مطلوب من الدولة توفير المعلومات و الرقابة و الدعم و سن القوانين التي تسهل مأمورية المؤسسات الخيرية و الشركات الخاصة في تنمية المجتمعات..

نيازي سلام

رئيس مجلس إدارة

بنك الطعام المصري

شارك الخبر

التعليقات

  1. mahmoud eid

    تجريبة التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة