المواطنة.. حياة

المواطنة.. حياة
بقلم حسن مصطفى ، الرئيس التنفيذي لشركة "سي إس آر إيجيبت" -

دعم إحساس المواطنة عند المصريين أصبح ضرورة ملحة وليس إختيار، فما أقسي الغربة داخل الوطن وما أشد الوجع عند الاحتياج وضياع الأمل في غد أفضل .

فالاحتياج والإحساس بالغربة داخل الوطن يقضيان على الشعور بالمواطنة ويجعلان الفجوة تزداد اتساعا بين الفرد ووطنه وتقضي على الأمل في الصدور .

ونشير هنا إلى أهمية أن تعمل الدولة والقطاع الخاص على دعم إحساس المواطنة وإعداد مبادرات وبرامج هادفة لرفع الروح المعنوية للمواطنين، وتعزيز الطاقة الإيجابية داخلهم لكي يستنفروا قواهم وطاقاتهم، في سبيل مساعدة الدولة على العبور من أزماتها، وتتحول إلى عمل ملموس يدفع الوطن إلى الأمام وأوضاع المواطنين إلى الأفضل .

فالمواطنة أقصى درجات الانتماء للوطن وتعزيزها في نفوس المواطنين يعد أهم محاور نهوض الدول، وإلا تحولوا إلى معاول تهدم ولا تبني، تعوق ولا تساعد، تشاهد ولا تساعد .

لذلك تسعى الدول العظمى جاهدة الى دعم إحساس المواطنة لدى مواطنيها وتجعلهم يشعرون بالفخر بالانتماء لها، لكى يكونوا سندا لها فى كبوتها، فالدول لا تبنى إلا بسواعد مواطنيها.

ونذكر هنا التجربة اليابانية، والتي كتب السفير الأمريكي «إدوين أشاور» كتابًا عنها تحت عنوان «اليابانيون» ، من واقع تجربته ومعايشته لهذه التجربة العظيمة، فقد ولد ادوين وعاش فى اليابان وأجاد لغتها وتعايش مع كافة طوائفها وشغل منصب سفير الولايات المتحدة فيها لمدة خمس سنوات.

وبالتالي جاء رصد السفير الأمريكي للتجربة اليابانية من منظور شخص عاش وتعايش معها، وأكد أشاور في كتابه أن انتماء المواطن اليابانى لبلده وإيثاره مصلحة الجماعة التى ينتمى إليها كانا وسيظلان الركيزة الأساسية فى تحقيق التقدم، فالشعب الذى انهزم فى الحرب العالمية الثانية، وتعرض لكوارث قضت على مقدراته إستطاع أن ينهض مجددا ويبذل أقصى ما لديه فى محاولة النهوض ودعم وطنه، إلى أن أضحت اليابان إحدى أهم الدول الصناعية الكبرى بفضل قدرات وسواعد أبنائها خلال ثلاثين عام .

كما أن تعزيز روح المواطنة والفخر بالانتماء للوطن ينبغي أن يتخطى حدود الوطن وأن تعمل الدولة على تذكيته في نفوس مواطنيها، سواء بالدفاع عن مواطنيها والعمل الجاد على حفظ كرامتهم، وصولا إلى أبسط الأشياء التي تشعر المواطنين بالفخر بانتمائهم لها ، ولنا في ماكينات المياه الغازية التي وضعتها دولة كندا بالقرب من الأماكن السياحية الشهيرة في دول أوروبا، مثالا حيا، فالحكومة الكندية الشابة وضعت هذه الماكينات وزينتها بعلم البلاد، ولا يستفيد منها إلا المواطنين الكنديين عن طريق تمرير جواز السفر على ماسح ضوئي أعلى الماكينة.

فالدول العظمى لا تقاس  فقط بما تملكه من ترسانات حربية وجيوش جرارة ، وإنما بما لديها من طاقات بشرية يمكنها الاعتماد عليها للنهوض، والبداية بنشر ثقافة العمل والمواطنة وهي سلاح الدوله للمواجهة أزماتها .

أما إذا انتقلنا إلى مصرنا الحبيبة، فلابد أن تعمل جاهدة على إعادة غرس تلك المفاهيم التى تآكلت بعد احداث الانقسامات التى شهدتها البلاد خلال السنوات الست الماضية، وظهور تيارات متباينة دفع ضريبة خلافها المواطن الذي لم يجد من يحنو عليه بالفعل حتى الآن.

فأحد أهم حلول تلك الأزمة الحالية هو إعادة دعم الإحساس بالمواطنة وترسيخ قواعد العمل من أجل النهوض مما وصلنا إليه من أوضاع لا تتفق وقدرات المصريين وإمكانات دولتهم الكبيرة غير المستغلة.

فالمواطنة تعني الفرد الذي يتمتع بعضوية بلد ما، ويستحق بذلك ما ترتبه تلك العضوية من امتيازات. وفي معناها السياسي، تُشير إلى الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها، والالتزامات التي تفرضها عليه؛ أو قد تعني مشاركة الفرد في أمور وطنه، وما يشعره بالانتماء إليه. ومن المنظور الاقتصادي الاجتماعي، يُقصد بالمواطنة إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، بحيث لا تشغلهم هموم الذات عن أمور الصالح العام، وفضلاً عن التفاف الناس حول مصالح وغايات مشتركة، بما يؤسس للتعاون والتكامل والعمل الجماعي المشترك.

لابد أن تعود المناهج التعليمية الى دفع الطلاب لإعمال العقل والتفكير النقدي، وتزويدهم بالأساليب التى تدفعهم للتفكير في كيفية إفادة مجتمعهم، وتمنحهم القدرة على وضع حلول مبتكرة لما يواجهونه من أزمات وتشجيع مبادراتهم الإيجابية ، فضلا عن تقديس قيمة العمل كحجر أساس للتقدم وصناعة مستقبل أفضل .

كما ينبغي أن تعزز المناهج التعليمية مفهوم المواطنة بداخل الطلاب بأنها المشاركة في الوطن بكل ما فيه، والمسئولية المشتركة لتنمية الأرض واستثمار الدعم ومشاركة الحكومات المتتالية في تنفيذ برامجها للحفاظ على ثروات الوطن ومدخراته والنهوض به وتنميته وجعله آمنا مستقرا يخطو بخطوات ثابتة نحو النمو والازدهار وتحقيق تطلعات الشعب  .

إذا المواطنة والانتماء هما السبيل لخلق مواطن مسئول، يعرف حقوقه وواجباته ويكون سندا لوطنه وقت المحن والأزمات .

ومن هذا المنطلق، أرى أنه على الجميع، حكومة وقطاع خاص ومنظمات مجتمع مدني، التكاتف والتكامل من أجل بناء مواطن مسئول، من خلال إطلاق برامج ومبادرات تستفز قدرات المواطنين وتنمي قدراتهم وتدفعهم للعمل الجاد المثمر ومساندة دولتهم بحق وليس بالشعارات .

 

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة