ملحمة جديدة في «أعماق الصحراء» لتشييد «عاصمة المستقبل»

ملحمة جديدة في «أعماق الصحراء» لتشييد «عاصمة المستقبل»

فى مارس 2015، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى، من مدينة شرم الشيخ، خلال مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصرى»، عن إنشاء «العاصمة الإدارية الجديدة» لمصر، لتكون عاصمة عالمية وبؤرة النشاط الاقتصادي المصري في المستقبل.

ويعد هذا المشروع أحد أكثر مشروعات التطوير العقاري طموحًا، حيث تعادل مساحة العاصمة الإدارية – حسب مخطط المشروع – مساحة دولة سنغافورة، كما تبلغ قرابه أربعة أضعاف العاصمة الأمريكية واشنطن.

ويهدف إلى تأسيس مدينة إدارية اقتصادية جديدة، تكون عاصمة حديثة تتفق مع العصر، وتقع ضمن إقليم القاهرة الكبرى، مما يساهم فى توسيع الحيز العمراني، وتفريغ العاصمة الحالية من التكدس والازدحام، بالإضافة إلى خلق منطقة جديدة جاذبة للاستثمارات، كما يساهم هذا المشروع فى توفير نحو مليوني فرصة عمل جديدة، وتشغيل العديد من الشركات خاصة فى مجال المقاولات، حيث يتم التنفيذ بأيادي مصرية بنسبة 100%.

حلم جديد تعيشه مصر، بعد البدء في تنفيذ عاصمة المستقبل التى تليق بمصر ومكانتها، والتي ستجمع بين الحداثة والتاريخ، وتحقق نقلة نوعية نحو مستقبل أكثر تقدمًا وإشراقًا، وهذا ما تم الحرص على تحقيقه عند وضع الملامح الأولى لتخطيط العاصمة الإدارية الجديدة.

العاصمة سيكون بها مركز إداري جديد يضم أماكن لقصر الرئاسة والبرلمان والحكومة وحيًا دبلوماسيًا، ومطارًا دوليًا، وأكبر حديقة على مستوى العالم، كما يتم تأسيس مناطق عمرانية على مساحة تقدر بنحو 460 كيلومترًا مربعًا، تضم 25 حيًا سكنيًا، ونحو 1,1 مليون وحدة سكنية، و40 ألف غرفة فندقية، ونحو 10 آلاف كيلومتر من الطرق، بجانب إنشاء منطقة للتكنولوجيا والابتكار ومجموعة من الجامعات، ومصانع «سوفت وير» لتكنولوجيا المعلومات، مركزًا للتجارب، وسوف تعتمد المدينة على الطاقة الجديدة والمتجددة، وسيتم توفير جميع المرافق الخدمية، وكافة أشكال المواصلات سواء النقل الجماعي أو مترو الأنفاق أو القطارات الكهربائية فائقة السرعة.

وتقع العاصمة الإدارية الجديدة على بعد 45 كيلومترًا من وسط القاهرة و80 كيلومترًا من السويس و55 كيلومترًا من خليج السويس، وتتميز بموقعها القريب من مشروع تنمية قناة السويس، وتتميز بقربها من مدن شرق القاهرة “بدر والشروق والقاهرة الجديدة”، والمنطقة ترتبط بأربعة طرق رئيسية، هى: طريق السويس، طريق العين السخنة، الطريق الدائري الأوسط، الطريق الإقليمى، بالإضافة إلى محاور الطرق الرئيسية.

ويقام المشروع على مساحة حوالى 170 ألف فدان، ويعتمد فى تنفيذه على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تقدر استثمارات المرحلة الأولى بالعاصمة الإدارية الجديدة بنحو 45 مليار دولار، وتحقيقًا للمصلحة الوطنية، تقرر البدء فى تنفيذ مرحلة الأسبقية الأولى فورًا، لترفيق حوالي 3 آلاف فدان، وتم التخطيط بأن تتكلف الدولة فقط بمد المرافق الاساسية كالمياه والكهرباء والغاز والصرف الصحى و الطرق والكبارى، وخلافه.

ونظرًا لضخامة  مشروع العاصمة الإدارية، تم تقسيم المشروع الى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى مساحتها 40 ألف فدان، المرحلة الثانية 47 ألف فدان، والمرحلة الثالثة 97 ألف فدان، ومن المخطط أن يتم تنفيذ المرحلة الاولى بأسبقية أولى 12 ألف فدان، منها المرحلة العاجلة 3 آلاف فدان.

كما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتخصيص الأراضي الواقعة جنوب طريق «القاهرة/السويس»، لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني، وتكون قيمة الأراضي التي تبلغ مساحتها 16 ألف و645 فدانًا، من حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمالها، بعد تقدير قيمتها بالإتفاق مع هيئة المجمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، كما نص القرار على إنشاء شركة مساهمة مصرية تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني.

حيث تم تأسيس شركة مساهمة لإدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة برأسمال يقدر بـ6 مليارات جنيه، تتكون الشركة من هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة، لتصبح الشركة هى المسئولة عن نسبة 97% من أراضي العاصمة الإدارية، بحيث يكون المستثمر الأكبر لهذه المساحة الشاسعة من الارض من خلال البناء والبيع للمستثمرين الراغبين فى التملك، كما تم تشكيل مجلس إدارة الشركة وهو مكون من 13 عضوًا، منهم 3 أعضاء من ممثلي هيئة المجتمعات العمرانية، 6 أعضاء من ذوى الخبرة، و4 أعضاء ممثلين عن القوات المسلحة.

ويضم الحي الحكومي 18 مبنى وزاريًا، ومبنى للبرلمان يتسع لألف نائب، ومبنى لمؤسسة الرئاسة، ومبنى لمجلس الوزراء، ومركز مؤتمرات ومدينة معارض، وإستاد أوليمبى ومطارات ومدينة ذكية ومدينة طبية وحديقة مركزية، ومع إنطلاق مرحلة الأسبقية الأولى بدأ تنفيذ أعمال البنية الأساسية بمنطقة الحي الحكومي، وأبرز الوزارات التى سيتم نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة هى : “الإسكان، الصحة، التربية والتعليم، التعليم العالي، التموين، الإنتاج الحربي، العدل، والأوقاف”.

وتمثل المساحة السكنية حوالي 67% من مساحة مشروع  العاصمة الإدارية، وتتضمن نحو 285 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، و185 ألف وحدة سكنية لذوى الدخل المتوسط، و15 ألف وحدة سكنية للطبقات الأعلى دخلًا، لكي تستوعب نحو 6,5 مليون نسمة بعد اكتمال المشروع.

وتضم المدينة السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة أطول محور أخضر فى العالم، وهو النهر الأخضر أو طرق الحدائق المركزية، ويشتمل على حدائق مركزية وترفيهية وحدائق نباتية، وتلك الحدائق تعتبر من أكبر الحدائق على مستوى العالم، حيث تقام على مساحة 5 آلاف فدان، بطول 35 كيلومترًا، وستكون مفتوحة للجمهور مجانًا وتخدم العاصمة الإدارية بالكامل، والقاهرة الجديدة والقاهرة.

كما ينقسم مشروع الحدائق إلى 7 قطاعات، منها الحديقة التاريخية “ذات طابع تاريخي”، وحديقة للصحة والسكان “للأطفال”، وحديقة للمال والأعمال، والحديقة الدولية، والحديقة الرياضية، وحديقة للعلوم، وحديقة للنباتات، وهذا الكم الهائل من الحدائق سيتم ريه بمياه معالجة، ولا يؤثر على مياه الشرب.

كما أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال “مؤتمر ومعرض القاهرة الدولى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات”، فى دورته العشرين يوم 27 نوفمبر 2016، إشارة البدء فى تنفيذ “مدينة المعرفة” بالعاصمة الإدارية الجديدة، والمخصص لها ما يقرب من 300 فدان، وقد أكد الرئيس السيسى على أهمية توفير كافة الإمكانيات اللازمة للإرتقاء بالمنظومة المعلوماتية فى هذه المدينة الجديدة، وتعظيم المنتج التكنولوجي الذي ستقدمه، ومن المرجح أن تساهم مدينة المعرفة فى توفير 500 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وسيتم تأسيسها بنظام “المدن المغلقة”، وستضم مراكز للأبحاث والعلوم والابتكار وريادة الأعمال والسوفت وير وتطبيقات الكمبيوتر وغيرها، وتعتمد المدينة على تكنولوجيا المعلومات المتطورة في كافة قطاعاتها، سواء من حيث وسائل النقل أو تصميمات المنشآت، فضلاً عن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، ومعالجة المياه واستخدامها في رى المسطحات الخضراء بالمدينة، فضلاً عن مراعاتها لكافة الأبعاد البيئية، وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة.

وإنجاز جديد يضاف إلى جهود التنمية الشاملة على أرض مصر، هو مطار العاصمة الدولي بالقطامية، الذى تم إقامته على مساحة 16 فدانًا، والذي تم إنشاؤه وتصميمه وفقًا لأعلى المواصفات العالمية وبالاعتماد على خبرات مصرية فقط، وشركات وطنية وبإشراف من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ويهدف هذا المشروع إلى خدمة العاصمة الإدارية الجديدة، ودعم حركة السياحة.

ويعد مشروع العاصمة الجديدة ليس مشروعًا استثماريًا فحسب، وإنما هو مشروع قومي بالأساس تتنوع عوائده الاقتصادية من توسيع الحيز العمراني والإسكاني، إلى توفير فرص عمل للشباب، وقبل ذلك تشييد بنية اساسية جاذبة للاستثمار، وهو مشروع عصري يراعي البعد البيئى “المحور الأخضر”، ويواكب أحدث التطورات التقنية والعلمية، وهو ما يتجلى فى سلسلة من المشروعات مثل الجامعات ومدن التكنولوجيا ومدينة المعرفة.

شارك الخبر

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة